حسين عبد ربه يكتب: عفوًا شاعرنا الكبير.. أزمة الديون مسئولية الحكومة وليس رجال الأعمال


كعادته دائمًا في تناول القضايا المهمة طالعنا الكاتب الكبير فاروق جويدة بمقالات في عموده اليومي بجريدة الأهرام يطالب فيها رجال الأعمال والأثرياء بالتبرع لسداد ديون مصر والتي أصبحت أزمة كبيرة تثقل كاهل الاقتصاد القومي واقترح الأستاذ فاروق جويدة إنشاء صندوق لسداد ديون مصر يساهم فيه رجال الأعمال.. وبالطبع كثير من رجال الأعمال لم يعجبهم هذا المقترح وأنا معهم فالظروف الاقتصادية الحالية غير مواتية لمثل هذا المقترح خاصة أن ثرواتهم تتآكل في ظل سياسات التعويم وحالات الركود وارتفاع تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلي أن رجال الأعمال لم يتأخروا عن المساهمة الدورية في مشروعات صندوق تحيا مصر والمساهمة في كثير من المبادرات القومية وأنا عن نفسي ضد هذا المقترح، فبدلًا من أن نستجدي تبرعات من رجال الأعمال نشجعهم علي الاستثمار في إقامة مشروعات جديدة أو التوسع في المشروعات القائمة بما يمثل قيمة مضافة للاقتصاد القومي في توفير فرص عمل جديدة وزيادة حجم الإنتاج والتصنيع بما يوفر كثيرا من الواردات ونضيف عملة صعبة نحن في أشد الحاجة إليها الآن.. وبمنطق المثل الدارج “أعطني سنارة لأصطاد بها ولا تعطني سمكة” فإن تحفيز رجال الأعمال علي الإنتاج والاستثمار أفضل كثيرًا من التبرع.. فالاقتصاد والأزمات لن تحل بالتبرعات.. فلا يجب أن نتعامل مع مشكلة ديون مصر كأزمة الغارمين والغارمات من الأشخاص الذين من الممكن أن تحل مشاكلهم بكام مليون ولكن أزمة ديون مصر لن تحل إلا إذا شجعنا القطاع الخاص علي الاستثمار والإنتاج من أجل التصدير وخلقنا بيئة مناسبة لاقتصاد قوي متعاف يستطيع الصمود أمام الأزمات.

أما الاعتماد علي التبرعات فهذا أمر لا يصنع اقتصادًا ولا يحل الأزمة.. وقبل مقترح الأستاذ جويدة خرج أيضًا الإعلامي عمرو أديب ليدعو المواطنين بأن يتحمل كل مواطن سداد نصيبه من الديون وهو 800 دولار وبالتالي سنجمع حوالي 25% علي الأقل من جملة الديون المستحقة علي مصر وهو نفسه اعترف بأن اقتراحه هذا “ساذج” وخيال ولدينا تجربة قديمة حدثت عدة مرات.

فيما طُرحت مقترحات في عهد مبارك وبعد ثورة يناير 2011 تدعو للتبرع لسداد ديون مصر وتم فتح حسابات بالبنوك لهذا الغرض ولا أحد يعرف ما مصير الأموال التي جُمعت لهذا الغرض.. علينا أن نترك رجال الأعمال يعملون وينتجون ونهيئ لهم المناخ المناسب للاستثمار ثم نُحصل منهم الضرائب ومنها تسدد الدولة مديونياتها.. وقد يكون مقبولًا أن يتبرع رجل أعمال لمشروع مجتمعي وهذا أمر أصبح سائدًا تحت مسمي المسئولية المجتمعية التي تنتهجها الآن الشركات وتخصص لها موازنات سنوية.. أما سداد ديون مصر فهذا أمر يخص الحكومة التي استدانت وكان من المفترض أن يكون لديها خطط لسداد هذه الديون ولديها جدوى اقتصادية للمشروعات التي تقترض من أجل إقامتها أو إنشائها.

وليعذرني الكاتب الكبير إذا كنت ضد اقتراحه ولكن علينا أن نفكر بشكل عملي وبفكر أعمق أن نستغل الأزمة التي نعاني منها لكي تدرك الدولة أنها بدون اقتصاد قوي لن تستطيع مواجهة الأزمة وأن وجود قطاع خاص نشط فهذا يعني أن موارد الدولة تتزايد واقتصادها ينمو ونستطيع أن نحل مشاكلنا دون المزيد من الاقتراض.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: الديون

منطقة إعلانية

https://alborsanews.com/2022/10/10/1584739