شلبى: يجب استخدام مواد صديقة للبيئة والاستفادة من كافة مخرجات المواقع فى البناء
تمثل الاستدامة عنصرا هاما فى التوجهات المعمارية الجديدة وسط إقبال من المطورين على التوسع فى المشروعات العقارية التى تعمل بمعايير البناء الحديثة وتستخدم مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق الوفر فى التشغيل.
ويرى مطورون عقاريون ومصممون معماريون أن التوجه نحو للاستدامة لم يعد رفاهية بل أصبح ضرورة، لكنه يحتاج إلى محفزات لدفع المطورين العقاريين إليه، من أجل التوسع فى طرح المشروعات المستدامة، خاصة أن المنافسة ستلعب دورا كبيرا فى خفض تكلفة التحول للاستدامة، عبر توفير الطاقة واستخدام مواد معادة التصنيع، والحد من الانبعاثات الكربونية، من أجل الحافظ على الموارد الطبيعية غير المتجددة.
وقال الدكتور أحمد شلبى، الرئيس التنفيذى لشركة تطوير مصر، إن التنمية العقارية المستدامة تعد أبرز قضايا السوق العقارى فى الفترة الحالية، خاصة أن التوجه نحو الاستدامة أصبح توجهًا حكوميًا، وهو ما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصرى.
وأضاف شلبى أن السوق العقارى مازال يستخدم أدوات وآليات قديمة لا تسهم فى التحول للاستدامة، ويحتاج السوق إلى مواكبة التطورات الحديثة المستخدمة فى عمليات البناء والتشييد.
وأشار إلى ضرورة توجه شركات التطوير العقارى لتنفيذ مشروعات مستدامة، تحقق نسب استهلاك منخفض فى المياه والكهرباء، من خلال البنية التحتية الذكية من محطات لمعالجة مياه الشرب وإعادة استخدامها فى رى الحدائق، ومحطات لتحلية مياه البحر فى المشروعات الساحلية لتكون صالحة للشرب.
وقال إنه يجب استخدام مواد صديقة للبيئة والاستفادة من كافة مخرجات المواقع فى عملية البناء مثل الصخور، وتوفير شبكة حلول التنقل المتكاملة المعتمدة على السيارات والأتوبيسات التى تعمل بالكهرباء، إلى جانب مسارات للدراجات والمشاة.
وأضاف أن قيمة استثمارات شركة تطوير مصر فى حلول الاستدامة بمشروعاتها بلغت 4.5 مليار جنيه، حيث تتعاون الشركة مع عدة شركات من ضمنها شنايدر إليكتريك، وهواوى تكنولوجيز مصر، وأورانج.
الجمال: الدولة عليها دور مهم من خلال فرض تشريعات جديدة وتقديم حزمة للمطورين
وقال المهندس طارق الجمال، رئيس شركة ريدكون للتعمير، إن العمل على الاستدامة بالمشروعات العقارية يتطور بشكل مستمر، وأصبح ضرورة وليس رفاهية، خاصة فى مشروعات الطرق والمبانى الحكومية، بالإضافة إلى المشروعات الخاصة بالمطورين العقاريين.
وأضاف أن الدولة تتوسع فى تنفيذ الاستدامة بمشروعاتها العمرانية المختلفة، ويجرى إنشاء العديد من المدن الذكية، التى كان لها دور كبير فى ظهور فكرة تصدير العقار المصرى، وخاصة فى العاصمة الإدارية الجديدة.
وأوضح أن الدولة عليها دور مهم من خلال فرض تشريعات جديدة وتقديم حزمة من الحوافز لضمان تنفيذ المطورين العقاريين لمشروعات تحقق التنمية المستدامة، خاصة مع ما يشهده العالم من تغير مناخى.
وأشار الجمال إلى أن الاستثمار الأخضر بشكل عام، يعد أبرز صور الاستدامة، ومصر تحاول أن تقدم نموذجا للاقتصاد الأخضر، باعتباره الحل الوحيد لمواجهة تغير المناخ، من خلال تعديل مسار الطاقة إلى طاقة واقتصاد نظيف.
فودة: المنافسة فى طرح منتجات جديدة تقلص تكلفة تنفيذ حلول الاستدامة فى المشروعات العقارية
وقال المهندس نادر فودة، الرئيس التنفيذى لشركة “Ldp+Partners” للاستشارات الهندسية، إن توجه القطاع العقارى للاستدامة ضرورة، حيث تتجه معظم الدول لتحويل مبانيها إلى مبانى مستدامة، ومصر تتجه فعليًا لتحقيق الاستدامة.
وأضاف أن شركة العاصمة الإدارية تلعب دورًا محوريًا فى ذلك من خلال الاشتراطات التى وضعتها وألزمت بها المطورين العقاريين، ومن بينها تحديد نسب المساحات النبائية بنحو 20% من إجمالى مساحة المشروع وتحويل المساحة الباقية إلى مساحات خضراء، كما ألزمت المطورين من خلال شركات التصميم المعمارى بتوظيف الطاقة الشمسية فى المشروعات، وإعادة تدوير المخلفات للوصول إلى مبان مستدامة.
وأوضح فودة أن المبانى تمثل أكبر مراحل التحول للاستدامة، بدءا من تصنيع المواد الخام حتى الانتهاء من عملية البناء والإنشاءات، ومن صور تحقيق الاستدامة فى المشروعات العقارية، استخدام مواد معادة التصنيع، واستخدام نظم موفرة للطاقة والكهرباء.
وقال إن تفعيل مفهوم الاستدامة فى القطاع العقارى يحتاج إلى تحفيز للمطورين أو تقنين من خلال حملات التوعية مثل توجيه المواطنين لاستخدام اللمبات الموفرة ونتيجة المنافسة بين الشركات فى طرح اللمبات الموفرة انخفض سعرها، فالمنافسة هى إحدى الحلول التى ستؤدى إلى تراجع تكلفة التحول للاستدامة.
وأضاف أن المنافسة فى طرح منتج مستدام بالسوق المحلى، ستقلص تكلفة التنفيذ، وهذا ما يراهن عليه السوق، والتكلفة تزيد حاليا بنسبة تتراوح من 15 إلى 20% من إجمالى تكلفة المشروع.
وأوضح أن نسبة الشركات العقارية التى تطبق الاستدامة فى مشروعاتها تتراوح من 20 إلى 30% من المشروعات المطروحة بالأسواق، ويعزى الانخفاض إلى ارتفاع التكلفة، وضعف استفادة المطور من مميزات الاستدامة.
وقال إن المبانى الخضراء تقلل تكاليف تشغيل المشروع المتمثلة فى الطاقة والصيانة إلى نحو 50%، وأغلب المشروعات السكنية المباعة للعملاء لا تحقق الاستدامة، لكن المبانى التجارية والإدارية المطروحة بنظام الإيجار توظف فيها الاستدامة، نتيجة استفادة المطورين من العائد وانخفاض تكاليف الطاقة خاصة على المدى البعيد.
وأضاف أن العمارة الخضراء تختلف عن الاستدامة، فالمبانى الخضراء هى التى توفر الطاقة وتقلل الانبعاثات الكربونية من المبانى وتستخدم التكنولوجيا الحديثة فى الحفاظ على الطاقة داخل المبنى، ما يربط بين المبانى الذكية والخضراء، لكن الاستدامة تتضمن نحو 17 عاملًا مختلفا من بينها، الأجور والمعيشة وضمان المياه والصرف الصحى فهى منظومة متكاملة.
أبو العزم: الاستدامة ترفع تكلفة الإنشاءات.. وتقلل متطلبات التشغيل بنحو 30%
وقال الدكتور فهد أبو العزم، الرئيس التنفيذى بشركة “IEC” للاستشارات الهندسية، إن المطورين العقاريين باتوا يلجأون لتوظيف الاستدامة فى مشروعاتهم لعدة عوامل، من بينها العامل الاقتصادى، حيث توفر الاستدامة فى تكاليف التشغيل على المدى الطويل بنحو 30% على الأقل، كما تمكن المطور من تحقيق الراحة الحرارية للمستخدمين داخل المشروع وتعظم من القيمة المضافة للمشروع، كما يستفيد منها تسويقيًا من خلال توفير تهوية طبيعية بالمشروع وتقليل الاعتماد على التكييفات.
وأضاف أن معايير الاستدامة تتضمن استخدام الطاقة الشمسية كطاقة بديلة متجددة، والاعتماد على التهوية الطبيعة من الهواء والشمس، والنباتات التى تدر مياها بدلًا من الاعتماد على المياه والكهرباء الحكومية، وبعض المبانى حاليًا تدر طاقة كهربائية وتعرضها للبيع، من خلال الطاقة الشمسية.
وأشار إلى أن أهم تعريفات الاستدامة هو الحفاظ على الموارد الطبيعية والمتجددة للأجيال المقبلة، والبحث عن موارد جديد أو الاعتماد على إعادة تدوير المواد، ومن بين البلاد التى اتخذت خطوة كبيرة فى تحقيق الاستدامة وتحويل مبانيها إلى مبانى مستدامة وخضراء، تحقق “زيرو إنريجى” هى السويد وبريطانيا.
وأوضح أبو العزم أن التصميم المعمارى يعتمد على دراسة الموقع الجغرافى للمكان وكيفية الاستفادة من العوامل الطبيعية، وتحقيق راحة حرارية مناسبة للعملاء تتوافق مع طبيعة المكان، مع الاستغناء عن كل ما يضر بالبيئة أو يستنزف مصادرها سواء المتجددة أو غير المتجددة.
وقال إن توظيف الاستدامة فى المشروعات العقارية يرفع التكلفة بنسبة تصل إلى 20%، ونحو 30% من المطورين يرغبون فى تحقيق الاستدامة بمشروعاتهم نتيجة ارتفاع التكلفة، لذا تحاول المكاتب الاستشارية عمل تصميمات مستدامة للمشروعات، والضغط فى تحقيق هذا الاتجاه المعمارى ليتوافق مع متطلبات العمارة الحديثة.
عتابى: الاستثمار فى العمران المُستدام يؤدى إلى توفير استهلاك الطاقة والمياه بنسبة 50%
وقال المهندس عمر عتابى، الرئيس التنفيذى لشركة عتابى للاستشارات الهندسية، إن الوعى البيئى والإلمام بقضايا المناخ لم يعد رفاهية أو أمرًا مستجدًا، بل أصبح توجها رئيسيا ومؤثرا على كافة القطاعات ومنها قطاع التطوير العقارى، ونتج عن ذلك إدراك للفاعلين فى السوق العقارى بأهمية الحاجة المتزايدة للأبنية المستدامة ذات التكلفة التنافسية.
وأضاف أن التوجه نحو الاستدامة أصبح معيارا واضحا لدى العديد من شركات التطوير العقارى التى تضع فى الحسبان العملاء المهتمين بحماية البيئة من الآثار الضارة التى تهددها، وتحاول الشركة تبنى هذا النهج وإنتاج مشاريع مستدامة.
وأشار إلى أهمية تضمين الحلول الهندسية المستدامة فى أعمال الاستشارات المعمارية والهندسية، ففى السنوات الأخيرة عملت الشركات على تقديم تصميمات المدن الذكية والمبانى الخضراء وتقديم الاستشارات الاستراتيجية المتعلقة بالاستدامة، ويأتى ذلك تماشيًا مع استراتيجية الدولة للتحول نحو تنمية مستدامة خضراء ضمن رؤية مصر 2030.
وأوضح أن المدن المستدامة لم تعد رفاهية بل أصبحت أمرا ضروريا لمواكبة كل ما هو حديث، فالاستثمار فى الاستدامة يحتاج إلى أسس سليمة تبدأ من التخطيط للمشروع وهو الأمر الذى يعمل فى نهاية المطاف على تحقيق الاستدامة، فالمشروعات العقارية المستدامة تسهم فى تقليل مصاريف الصيانة فى العقارات بنسبة تصل إلى 30%، والمشروعات الجديدة التى تعمل على إنشاء عمران مُستدام، نجحت بالفعل فى تقليل استهلاك الطاقة والمياه، وذلك عن طريق توجيه الشوارع والبناء، بحيث تحقق أكبر كمية إضاءة طبيعية، وهو ما يساعد على تقليل استهلاك الكهرباء والطاقة.
وقال عتابى إن نسبة الخطأ فى عملية إدارة المشروعات المستدامة تكاد تكون معدومة إذا تم دراستها بشكل صحيح، فأى تصميم هندسى يبنى على أسس ومعايير معينة تساعدنا على تحقيق الاستدامة، فالسوق العقارى المصرى من مطورين وعملاء فى مصر أصبح لديهم ثقافة ووعى كبير خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف أن هناك مشاريع مستدامة بالفعل أدت إلى تقليل استهلاك الطاقة والمياه، وذلك من خلال تحويل إضاءات الشوارع والبنايات بحيث تكون طبيعية “بالطاقة الشمسية”، وهو ما يساعد على تقليل استهلاك الكهرباء والطاقة، بالإضافة إلى إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحى، وإعادة استخدامها فى شبكات الرى.
وتابع عتابى: “المدينة الذكية المستدامة هى مدينة مبتكرة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، وتلبى فى الوقت ذاته احتياجات الأجيال الحالية والقادمة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتعتمد المدن الذكية بشكل رئيسى على البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، بما يحقق التعاون فى إدارة الموارد البيئية، والاستخدام الأكثر فاعلية للطاقة، وأكثر كفاءة لتدفق المياه؛ للحد من التأثيرات البيئية”.
وأوضح أن الاستثمار فى العمران المُستدام، يؤدى إلى توفير استهلاك الطاقة والمياه بنسبة 50%، كما أن المدن المستدامة ستجذب استثمارات كبيرة وسيكون لها تأثير قوى فى المستقبل، ولكنها تحتاج إلى بنية تحتية تدعم الاستدامة.
وأشار إلى أن الدولة تدعم القطاع الخاص نحو الاستدامة والعُمران الأخضر، وذلك عن طريق تسهيل الإجراءات، والإعفاءات الضريبية، وتوفير كافة الآليات المُمكنة لتحقيق ذلك، وهو ما سيعمل على تسريع وتيرة البناء، وتوفير التكلفة.
وقال إن القطاع الخاص عليه دور كبير فى السعى لنشر ثقافة الاستدامة، لتقليل التكلفة فى السوق، وهو ما سيشعر به العميل بعد سنوات قليلة، بالإضافة إلى ضرورة تشجيع التصنيع المحلى للمنتجات التى تدعم الاستدامة والحلول الذكية فى المشروعات.
