خسرت هونج كونج مكانتها أمام منافستها الإقليمية سنغافورة، وذلك استناداً إلى تحليل أجرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية لأسعار العقار والحركة الجوية ومؤشرات أخرى، ما يؤكد التحدي الذي يواجه الإقليم الصيني، الذي أعاد فتح أبوابه أمام العالم بعد أعوام من قيود الوباء.
أطلق جون لي، الرئيس التنفيذي لهونج كونج، في الأسابيع الأخيرة، حملة لإقناع العالم بأنه رغم كوفيد-19 وحملة أمنية قاسية، فإن الإقليم الصيني ليس مفتوحاً للأعمال فقط، بل يبقى مركز آسيا المالي الأول.
لكن البيانات توضح أن هونج كونج دفعت ثمن الحجر الصحي وقيودها الصارمة خلال الوباء، بينما حققت سنغافورة بعض المكاسب.
ترسخت أهمية هونج كونج الإقليمية بسبب موقعها قرب البر الصيني، حيث أعيد فتح المدينة للسياح للتو بعد ثلاثة أعوام توقفت فيها خدمات كثير من شركات الخطوط الجوية الدولية.
وعلى النقيض من ذلك، كانت سنغافورة واحدة من أول الدول في آسيا التي أعادت فتح حدودها خلال الوباء، وخسرت هونج كونج العام الماضي مركز أكثر المطارات ازدحاما في المنطقة أمام سنغافورة، بحسب شركة “سوبي أفييشن” الاستشارية.
وصلت طائرات إلى سنغافورة أكثر مما وصل إلى هونج كونج في كل شهر منذ يناير 2022، كما تظهر إحصاءات الرحلات الجوية، حيث بلغ عدد الرحلات القادمة إلى سنغافورة 70% من مستويات ما قبل الوباء، فيما وصلت إلى أكثر من النصف بقليل في هونج كونج.
رغم إعادة الفتح، إلا أن نقصا كبيرا في العمالة يمنع العودة الكاملة إلى المسارات، فقد أخرت شركة “كانتاس” الأسترالية بداية خدمتها من هونج كونج لميلبورن حتى منتصف العام.
كذلك، أدت حملة الرئيس الصيني، شي جين بينج، على رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إلى زيادة جاذبية سنغافورة كوجهة للنخب الثرية وأموالهم.
ارتفعت الودائع بالعملات الأجنبية في سنغافورة منذ منتصف 2021 أكثر من 100 مليار دولار، بينما ظلت الودائع بالدولار السنغافوري ثابتة، كما تضاءلت الودائع في بنوك هونج كونج منذ أوائل 2022، وتوقف التراجع في نوفمبر فقط، عندما رفعت المدينة الصينية قيود الحجر الصحي، بحسب تحليل “فاينانشيال تايمز” لبيانات البنوك.
نما عدد المكاتب العائلية في سنغافورة، وهي شركات يديرها القطاع الخاص وتقدم خدمات إدارة الثروات، من عدد قليل في 2018 إلى ما يقدر بـ1500 بحلول نهاية العام الماضي، بحسب شركة “هاندشيكس” السنغافورية لتحليل البيانات.
تستضيف هونج كونج، التي تتوق إلى استعادة مكانتها، اجتماعاً “للمدعوين فقط” لبعض أغنى المكاتب العائلية في العالم الشهر المقبل.
قال شيو تشن، أستاذ المالية في جامعة هونج كونج، إن التصورات بأن بكين كانت معادية بشكل متزايد للأعمال والثروة الخاصة هي “السبب الأساسي لهجرة المليارديرات الصينيين من البر الرئيس أو هونج كونج إلى سنغافورة وأماكن أخرى”.
من الصعب تقدير عدد الأشخاص الذين انتقلوا من هونج كونج إلى سنغافورة، فالبنوك لا تزال عازفة عن التصريح بعدد الموظفين الذين نقلتهم إلى هناك خلال ذروة الوباء.
كان البعض يتوسع في سنغافورة حتى قبل الوباء، خاصة بعد إدخال قانون أمني جديد صارم في هونج كونج في 2020 في أعقاب احتجاجات واضطرابات، فعلى سبيل المثال ضاعفت “بلاك روك” حجم مكتبها في سنغافورة في 2022، فيما نقل “ويلز فارجو” مركزه الآسيوي من هونج كونج إلى سنغافورة في العام السابق.
كل هذا في ارتفاع ساهم أسعار الإيجارات في سنغافورة 40% في الربع الأخير من العام الماضي، مقارنة بالفترة نفسها قبل عامين.
ومع دخول 140 ألف شخص من هونج كونج في برامج هجرة، مثل البرنامج الذي تقدمه المملكة المتحدة، انخفضت الإيجارات في هونج كونج 10% في الربع الرابع، هبوطاً من أعلى مستوياتها على الإطلاق في الربع الثالث 2019.