الأمم المتحدة تخطط لعقد قمة المستقبل للخروج بميثاق جديد للعمل التعددى
البنوك التنموية التعددية تحتاج إلى تغيير سياستها لمساعدة الدول النامية
أشادت إيلينا بلينوفا المنسق العام المقيم للأمم المتحدة في مصر فى كلمتها بقمة “ديلي نيوز إيجيبت“، باختيار عنوان المؤتمر “القيادة في أوقات الأزمات”، موضحة أنه عنوان جاد تم اختياره بعناية ويتناسب مع ما نحن عليه الأن، حيث نتصارع مع أزمات متتالية مختلفة ليس في المنطقة فحسب بل على مستوى العالم.
وأشارت خلال كلمتها، إلى أن عام 2022 لم يمنح العالم فرصة للتعافي من جائحة “كورونا”بل إنه جلب تحديات جديدة في شكل صراع دولي واضطراب اقتصادي ومالي وكوارث كبرى،وكل ذلك يحدث في ظل التهديد الوجودي الملح بشكل متزايد المتمثل في تغير المناخ.
وأضافت: “نحن في عام 2023 ونقترب بسرعة من منتصف الطريق لمدة 15 عامًا يتعين علينا تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن الواضح بعد 7 سنوات من التنفيذ،أننا لا نتخذ قرارات جريئة ولانقوم بالاستثمارات اللازمة لدفع التقدم المطلوب والذي تعهدنا جميعًا به أمام التنمية المستدامة”.
وأكدت أن الوقت قد حان للتضامن والقيادة والالتزام بالإجراءات التي نحتاج إلى اتخاذها للعمل من أجل مستقبلنا المستدام،مؤكدة أن عنوان المؤتمر ملهم لأنه يقدم منصة حوارنحن فى أمس الحاجة إليها للمضي قدمًا، وهذه قيادة حقيقية لمعالجة الأزمات التي نواجهها.
وأكدت أن دول العالم فى حاجة ماسةإلى التحول الجذري في نموذج أعمالها، وكذلك في الطريقة التي يتم التفكير بها بشأن نمو الاقتصادات، والأمر يتعلق ببناء مستقبل اقتصاد المستقبل العالمي، فضلاً عن المسؤولية الاجتماعية للشركات كإضافة، ودمج الاستدامة في صميم العمليات التجارية، ويتطلب هذا منظورًا طويل المدى، تجاوز المدى القصير الذي يجري العمل به حاليًا، كما يعني إعادة النظر في طريقة التفكيرفي النمو والازدهار.
وأشارت بلينوفا إلى أن الأمين العام للأمم المتحددة وجه ببذل جهد مكرس لإنهاء استبداد الناتج المحلي الإجمالي كمعيار واستبداله بمقاييس أخرى.
وضربت مثلا وقالت “إذا أحرقنا غابة أو حرقنا الفحم ، فإننا ننتج الناتج المحلي الإجمالي وهذا يظهر عبثية استخدامه كمقياس وحيد، والأمر ليس سهلا في ظل الوضع الاقتصادي الحالي الذي يشهد ارتفاعًا سريعًا في معدلات التضخم ، وزيادة العبء على الموازنة العامة ، لذا ينصب التركيز على الاحتياجات العاجلة”.
اقرأ أيضا: كيف ينظر المستثمرون الأجانب إلى مصر؟
وأضافت “بصفتنا الأمم المتحدة، نرى أيضًا آثار الانكماش الاقتصادي على الفئات الضعيفة والمجموعات المعرضة لخطر التخلف عن الركب، ومن منظور القطاع الخاص فإن هذه نقاط ضعف ، ولا سيما الضغوط على الطبقات الوسطى وقوتها الشرائية، مما سيكون له تأثير على آفاق الأعمال في المستقبل القريب”.
أشارت ممثل الأمم المتحدة، إلى ضرورة الاستفادة من هذه اللحظة للتفكير في الاتجاهات طويلة الأجل وتوقع الفرص المستقبلية أمر بات حتميا خاصة بالنسبة للقطاع الخاص ، ليظل قادرًا على المنافسة.
وتابعت أن هناك ثلاث قضايا ضرورية يجب تسليط الضوء عليها حاليًا هى: المناخ، والاتجاهات الديموغرافية، والنوع، وفيما يتعلق بالمناخ فإن مصر ستتأثر بشدة بتغير المناخ، سواء في الدلتا أو في جميع أنحاء البلاد، وتحتاج إلى زيادة العمل المناخي ، سواء التخفيف أو التكيف، وهو ضرورة سياسية وحتمية، مما يعني أنه فرصة عمل رئيسية للمستقبل.
وأشارت إلى أن الأمر الثاني متعلق بالاتجاهات الديموغرافية التى توضح الزيادة المستمرة في عدد السكان المصريين بما يتجاوز 105 ملايين وفقًا لإحصاءات اليوم، وتوجد إمكانات هائلة هنا من حيث الاستفادة من رأس المال البشري، والقوى العاملة الشابة والديناميكية، ولا سيما في القطاعات الخدمية الجديدة، لأن تحقيق قيمة طويلة الأجل يتطلب التركيز على تطوير الشباب المؤهلين للتعامل مع الاقتصاد الجديد، حيث يمكن للأمم المتحدة أن تقدم مبادرة شباب بلد وهي محاولة للحصول على أول منصة شبابية – عامة – خاصة من التعلم إلى الكسب.
ولفتت إلى أنه بالحديث عن رأس المال البشري، توجد فرصة كبيرة لزيادة اندماج المرأة في سوق العمل، لا سيما عندما ننظر إلى بطالة الإناث ومشاركة العمل، مؤكدة أن الفوائد الاقتصادية المحتملة لهذا هائلة، وهناك حاجة إلى عدد من التغييرات لتنفيذ هذا التوجه.

وحددت الأمم المتحدة أربعة مسارات رئيسية على أولويات قائمتها، أولها تحويل التعليم لتلبية احتياجات المعرفة والمهارات المتغيرة في المستقبل، ونهج النظم لتحويل الأغذية الزراعي “الأمن الغذائي”، وانتقال الطاقة، وأخيرًا الرقمنة، وإذا تم إجراء التحولات بشكل صحيح فسيتم وضع حجر الأساس للتحول.
وأكدت أن تلك القضايا على جدول الأعمال العالمي، وستعمل مع الحكومة والقطاع الخاص لاتخاذ الإجراءات اللازمة، لإضافتها على أجندة السياسة المحلية لمصر، وأن النهج المستدام يخلق القيمة على المدى الطويل،وأن الحوكمة الاقتصادية والمالية هي مفتاح النجاح، على المستويين المحلي والعالمي.
ويتعين على مصر في الوقت الراهن، تبني السياسة الصحيحة ، وخلق بيئة أعمال مفتوحة ، وممكّنة وقابلة للتنبؤ تلهم ثقة المستثمرين ، وامتلاك أطر عمل شفافة لإعداد التقارير والوصول إلى البيانات والمعلومات.
وأضافت بلينوفا “بصفتنا الأمم المتحدة في مصر ، نحن في وضع جيد للدعم من خلال إطار التعاون الجديد لمدة خمس سنوات مع الحكومة والذي يتضمن مجالًا جديدًا للتركيز على الشفافية والحكم الرشيد وسيادة القانون”.
وأشارت إلى أن دعوة أمين عام الأمم المتحدة إلى تبني العولمة بهدف خلق الفائدة على الجميع، مما دفعه لتبني إصلاح الهيكل المالي العالمي الذي يحتاج حاليًا للتعديلات بالفعل، من ناحية أخرى يتعلق الأمر بشبكة أمان مالي عالمية وبنية للديون تتيح تخفيف عبء الديون وإعادة الهيكلة لجميع البلدان الضعيفة ، بما في ذلك البلدان ذات الدخل المتوسط ، وتحسين مواءمة النظام المالي مع أهداف التنمية المستدامة.
وتابعت أن تنفيذ ذلك يتطلب تغييرا في نموذج الأعمال لبنوك التنمية متعددة الأطراف، حتى تتمكن من تحمل مخاطر أكبر، والاستفادة بشكل أفضل من الأموال الخاصة لمساعدة البلدان على تسريع الطاقة المتجددة والاستثمار في أهداف التنمية المستدامة، مما سيمكن النظام المالي الوطني من المواءمة بشكل أفضل مع هذه الأهداف.
وأوضحت أن التغييرات الكبيرة المطلوبة لن تتم بصورة سريعة بل على العكس تحتاج المزيد من الوقت، موضحة أن تبني نهج التعددية في العمل المستدام ضرورة ولكن طبيعة الدول معقدة، والتعددية بها في أزمة، خاصة وأن بعض الهياكل التعددية القائمة صممت في حقب ماضية ولا تواكب مجتمع اليوم بعد كل التغييرات.
وأعلنت خلال فعاليات مؤتمر ديلي نيوز، عن أن الأمين العام وجه بعقد قمة المستقبل في العام المقبل، لتكون فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل لتنشيط العمل العالمي وإعادة الالتزام بالمبادئ الأساسية وتطوير الأطر المتعددة الأطراف التي تعمل من أجل عالم اليوم، من أجل الخروج بميثاق للمستقبل يشمل العمل نحو نظام مالي عالمي عادل ومنصف والتزام بكوكب آمن وسلمي ومستدام.
واختتمت كلمتها قائلة: “أعود إلى حيث بدأت في النهاية ، يتعلق الأمر بالقيادة والشراكة الحقيقية،نحن بحاجة إلى قيادة جماعية، حيث يتحمل رجال الأعمال والحكومة وأصحاب المصلحة الآخرون مسؤولية مستقبلنا بشكل مشترك”.