
الجميع يريد حصة من سوق السيارات الكهربائية.
صناعة السيارات ليست فقط مشغلا ضخمت للعمالة.. لكنها رمز لتقدم الصناعة، تمامًا مثل”فيرارى” الإيطالية، و”ميني” البريطانية.
ومع اتجاه القطاع نحو السيارات الكهربائية لتحقيق مستهدفات مكافحة التغير المناخى، باتت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والصين متعطشة لإعادة بناء قدرات إنتاج صناعة السيارات الكهربائية محليًا.
وفى خضم الاتفاقات والدعم، يحتاج صُناع السيارات لحسم قرارهم بشأن الموقع الأمثل لسلاسل الإمداد المركبة.
فى الأسبوع الماضى، مُصنع السيارات العالمى، “ستيلانتس”- التى تمتلك علامات تجارية منها “بيجو”، و”سيتروين”، و”فوكسهول”- حذرت المشرعين فى بريطانيا، أنها قد تغلق أحد مصانع السيارات الكهربائية.
وأرجعت ذلك لخوفها أن تفقد قدرتها على التنافس.
فبداية من 2024، وكجزء من اتفاقيات التجارة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، فإن السيارات الكهربائية المتداولة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى تحتاج أن تكون 45% من أجزائها من مناشىء أخرى، أو ستواجه تعريفات جمركية قدرها 10%.
ويقول مصنعو السيارات الأوروبيون والبريطانيون إنهم غير جاهزين، وقلقين بشأن خسارة مكانتهم فى أسواق بعضهم البعض.
ورغم أن “قانون المنشأ” كان تشريعًا واضحًا حينما تم التوصل لاتفاق “البريكست”، لكن صُناع السيارات يرون أن الغزو الروسى لأوكرانيا، وما تعرضت له سلاسل الإمداد من تحديات فاقم التكلفة، كما أن مصانع البطاريات فى كلا الجانبين تم تدشينها فى وقت متأخر عما كان متوقعًا حينما سُنت القواعد.
والقواعد فى أصلها هدفها أن يُرسى صُناع السيارات والسياسات دعائم نظام متكامل لصناعة السيارات الكهربائية، لكن إذا كان مُصنعو السيارات يشعرون أنها لا تلائم الوضع حاليًا، فإن التمسك بها يحيط القطاع بالمخاطر فى اللحظة التى تسعى الصين وقانون خفض التضخم الأمريكى لاغراءهم.
ولعل ما يجب أخذه فى الاعتبار أيضًا أن السيارات الكهربائية بين بريطانيا وأوروبا ستواجه تعريفة جمركية، فيما لن تواجه السيارات المُشغلة بالبنزين تعريفة مماثلة، بما يجعلها أغلى لفترة أطول، وذلك لن يكون مثاليا للأجندة الخضراء.
وفى تلك المرحلة فإن مد الحد الزمنى المٌفترض به أن يكون 2024، استجابة لمطالب الشركات، سيكون ذو مغزى.
لكن مُصنعى السيارات والحكومات يجب ألا يستغلوا ذلك كعذر لتأجيل الجهود اللازمة أكثر من ذلك- فى حقيقة الأمر، بريطانيا تتخلف كثيرًا عن الركب الأوروبى فى فضاء السيارات الكهربائية- ويجب إدراك أن التعريفة واحدة فقط من الجهود الكبيرة التى نحتاجها لبناء قاعدة تصنيعية تنافسية للسيارات الكهربائية.
فالبطاريات التى تواجه قواعد المكون المحلى أيضًا، تمثل جزءا ملحوظت من تكلفة السيارات الكهربائية، لكن بريطانيا تمتلك بضع مصانع كبرى مُنتظر تنفيذها فى وقت تمتلك فيه أوروبا نحو 30 مصنعًا.
وفشلت محاولات جذب مصنعى السيارات من آسيا، أو دعم المصنعين المحليين، وفشل “بريتيش فولت” فى يناير كان دليلًا على ذلك، كما أن البطاريات تحتاج معادن حرجة وعمليات تكرير فى الموقع.
ويغدق الاتحاد الأوروبى وأمريكا أموالا طائلة على ذلك، فيما تتخلف بريطانيا، حتى قبل أن تأخذ في الحسبان القضايا الأوسع مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والخدمات اللوجستية.
ويتطلب تطوير قطاع مزدهر لتصنيع السيارات الكهربائية، تفكيرا طويلا ومشتركا عبر القطاعات المختلفة.
وحتى اللحظة، هذا ما ينقص بريطانيا.
فالحكومة، تتجنب فكرة وضع استراتيجية للصناعة بشكل كامل، ولم تساعدها الاضطرابات السياسية الأخيرة.
لقد تُركت الصناعة تطارد الصفقات المستقلة، والضغط على بروكسل، وهو نهج غير فعال مقارنة بمليارات الدولارات التي وعدت بها الولايات المتحدة وأوروبا.
بالنسبة لشركات صناعة السيارات الكهربائية، لا تبدو بريطانيا وكأنها رهان جاد على المدى الطويل.
فى نهاية المطاف، أن يكون الأمل معلقا على تأجيل المفوضية الأوروبية للقواعد، ليست استراتيجية لا لمصنعى السيارت البريطانيين أو الأوروبيين.
ربما يكون لدى الاتحاد الأوروبى حافز لتأجيل المتطلبات الأكثر شدة، فى ظل تفوقه على قطاع السيارات الكهربائية البريطانى، لكن بالقدر نفسه، فإنه سيرى أن الدمار الذى سيلحق بالسيارات الكهربائية البريطانية أكبر من الذى سيصيب قطاعه فى ظل اعتماد بريطانيا الأكبر على صادرات السيارات للقطاع، ما يعنى أن عرقلتها سيسهم فى جذب الشركات.
لكن فى كلا الحالتين، معركة صناعة السيارات الإلكترونية التى تتشكل حاليًا قد تصبح معركة تكسير عظام، ومن لا يمتلكون استراتيجية سيتخلفون عن الركب.
المصدر: افتتاحية “فاينانشيال تايمز”