من المنطقى عدم خفض الجنيه لحين وجود ضمانات على تنفيذ الخصخصة
قالت وحدة البحوث لدى بنك الكويت الوطنى إن الاقتصاد المصرى تعرض لعدد من الضغوط المتواصلة منذ بداية عام 2023 حتى الآن.
وأشارت إلى أنه بعد موافقة صندوق النقد الدولى على منح مصر قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار فى ديسمبر 2022، شهد سعر الصرف الرسمى للجنيه ثباتاً فى حدود 30.9 جنيه مصرى مقابل الدولار، فى حين يتسع الفارق بين السعر الرسمى وسعر الصرف فى السوق السوداء بفارق كبير يفوق 20% تقريباً.
ومن جهة أخرى، تعطلت صفقات بيع بعض الأصول الحكومية فى ظل صعوبات تتعلق بتقييم الأصول وعوامل أخرى محيطة بصفقات البيع، وأدت تلك التطورات إلى تعليق صندوق النقد الدولى مراجعته الأولى للبرنامج، التى كان من المقرر إجراؤها فى مارس، وتأجيلها حتى يونيو.
وتواجه الحكومة إطاراً زمنياً ضيقاً لتلبية المتطلبات الرئيسية لصندوق النقد الدولى وتنفيذ صفقات بقيمة مليارى دولار قبل نهاية يونيو 2023.
ومنع استقرار سعر صرف الجنيه المصرى ارتفاع التضخم بمعدلات حادة، لكن ضوابط الاستيراد المرتبطة بذلك الوضع أدت لانخفاض الواردات غير النفطية 12% على أساس سنوى فى النصف الأول من العام المالى الحالى كما أدت إلى عودة السلع للتراكم مرة أخرى فى الموانئ المصرية وأثرت على النمو.
وقال البنك إن التطورات الأخيرة تشير إلى أن خفض قيمة الجنيه مرة أخرى، لن يحدث إلا بالتزامن مع وعود قوية بتوفير حصيلة من الدولار الأمريكى، أو تسارع وتيرة بيع الأصول، الأمر الذى سيساهم فى تعزيز الاحتياطيات.
أضاف أنه مع تراكم هذه الضغوط، سيتباطأ النمو الاقتصادى خلال الأرباع القادمة، وإن كان سيظل مرتفعًا إلى حد ما عند مستوى يتراوح بين 3 إلى 4% وسيظل بعيداً عن الركود.
وتوقع التقرير الصادر عن وحدة بحوث بنك الكويت الوطنى أن ينتعش الاقتصاد فى السنة المالية 2024-2025 بفضل تحسن تنافسية الجنيه وخفض معدلات الفائدة وتراجع التضخم.
هناك فرصة هائلة لتغيير السياسات الاقتصادية العام المقبل
وقال البنك إن وتيرة النمو الاقتصادى تباطأت فى الربع الثانى من السنة المالية 2022-2023 فى الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، إلى 3.9% على أساس سنوى، مقابل 4.4% فى الربع السابق و8.3% فى الربع الثانى من السنة المالية 2021-2022 مع تعرض النشاط الاقتصادى لضغوط شديدة بسبب نقص السلع والخدمات الرئيسية، وتسارع التضخم وتزايد تكاليف الاقتراض.
أوضح أن هذه العوامل أدت إلى تقلص القوة الشرائية للمستهلكين وتراجع معدلات الاستهلاك الخاص، فضلاً عن تراجع الاستثمار التجاري.
وقال إنه منذ بداية العام وخلال الفترة من يناير إلى أبريل، بلغ متوسط مؤشر نشاط مديرى المشتريات 46.6 بانخفاض هامشى مقابل 46.8 فى الفترة الممتدة ما بين شهرى أكتوبر – ديسمبر 2022.
وقد تضمنت قراءات تبلغ نحو 44 لبعض المكونات الفرعية مثل الناتج الحالى والطلبات الجديدة، ذلك رغم أن معدلات التوظيف ظلت أفضل.
ونتيجة لذلك، توقع البنك أن تكون وتيرة النمو أضعف قليلاً مقارنة بالنصف الثانى من السنة المالية 2022/2023 فى حدود 3-3.5%، إذ تشمل هذه الفترة انخفاض سعر الجنيه 19% فى يناير، وارتفاع سعر الصرف فى السوق الموازى إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار، وارتفاع معدلات التضخم بمستويات وصلت فى المتوسط إلى 31%، وتشديد السياسة النقدية بوتيرة أكثر صرامة، مع ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة 5% فى الفترة الممتدة من ديسمبر إلى مارس.
وتوقع أن يظل النمو تحت ضغط خلال العام المالى المقبل، فى ظل تباطؤ الإصلاحات ومع إمكانية اتجاه السلطات لمواصلة الضغط على الواردات والسحب من الاحتياطى للدفاع عن العملة وكسب الوقت.
لكنه ذكر أن هناك فرصًا هائلة يمكن اقتناصها لإحداث تغييرات فى السياسات الرئيسية بعد الانتخابات المقرر عقدها فى عام 2024، تتمثل فى التحول لنظام سعر صرف مرن بصورة دائمة، وبيع الاصول الحكومية، وشبه الحكومية، وإجراء الإصلاحات المالية اللازمة لإبقاء العجز المتزايد تحت السيطرة.
وتوقع اتساع عجز الموازنة خلال العام المالى الحالى إلى 8.5% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 6.1% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2021/2022.
وقال إن تراجع عجز الحساب الجارى إذا استمر خلال العام المالى المقبل فإنه يقلل احتياجات التمويل الخارجى لمصر، لكن بغض النظر عن عجز الحساب الجاري، فإن آجال استحقاق الديون الخارجية كبيرة إذ تبلغ 16 مليار دولار، وتظل من أبرز التحديات التى ستواجه الاقتصاد المصرى العام المقبل.
وقال إنه ومع مساهمة توقف صفقات الخصخصة وانعكاس ذلك على تأخير تحصيل عائدات جديدة بالعملات الأجنبية، فمن المتوقع تراجع الاحتياطيات على مدار العام.
وأشار إلى أنه رغم أن ضعف الجنيه المصرى ما يزال متوقعاً وقد يحدث على نطاق واسع، لكن يبدو من المنطقى الآن أن العملة لن تشهد تصحيحاً شديداً حتى تتوافر ضمانات أوضح بشأن تنفيذ برنامج الخصخصة وبالتالى توفير حصيلة من الدولار.