بعد ما يقرب من 30 عاما، أوجدت خلالها موطئ قدم يدل على وجودها القوي، يواجه صانع السيارات الأمريكي “فورد”، وقتا عصيبا في الهند، الدولة التي أحبطت باستمرار طموحات شركات صناعة السيارات العالمية.
وقال المدير التنفيذي لعلاقات المستثمرين في “فورد”، لين أنتيباس تايسون، في مؤتمر للمستثمرين مؤخرا: “نحن نقيم بصمتنا في الهند. نريد التأكد من أننا نخصص رأس المال للفرص المربحة”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن استثمار “فورد” في الدولة الآسيوية على مدى ثلاثة عقود، الذي تضمن جهودا منسقة من قبل الرئيس التنفيذي السابق ألان مولالي، ترك للشركة نسبة 2% فقط من السوق الهندية.
وفي ديسمبر، أعلنت “فورد”، أنها تقيم عملياتها بنشاط في الهند بعد إلغاء مشروع مشترك مخطط له مع شركة “ماهيندرا آند ماهيندرا”، بعد عام من الإعلان عنه، وبالتالي يجب على الشركة أن تقرر الآن ما إذا كانت ستضخ مزيدا من الأموال في فرعها في الهند، أو تبدأ في تصنيع السيارات فقط للتصدير، أو الانسحاب من البلاد بالكامل.
واتخذت “فورد” طريقا مماثلا في البرازيل قبل نحو شهرين.
وتنجذب شركات صناعة السيارات العالمية إلى السوق الهندية، خامس أكبر سوق في العالم من حيث الحجم.
ومن المتوقع أن تتجاوز الهند، اليابان، لتحتل المركز الثالث خلال العقد المقبل، مع نمو اقتصادها وارتفاع الدخل، بحسب شركة الاستشارات “إل إم سي أوتوموتيف”.
لكن معظم شركات صناعة السيارات الأجنبية كافحت لتسعير سياراتها بسعر منخفض بما يكفي لجذب النخب الحضرية في الهند، كما أن الضرائب المرتفعة التي يمكن أن تضيف ما يصل إلى نحو نصف قيمة السيارة تخفض أرباحها.
وتقدم الشركات المنافسة مثل “تويوتا” و”هوندا” و “رينو” أداء أفضل قليلا من “فورد”، مع استحواذ كل منها على حصة سوقية تبلغ 3%.
ويلجأ نحو نصف مشتري السيارات الهنود إلى شركة “ماروتي سوزوكي”، وهي شركة هندية عمرها 40 عاما تابعة لشركة صناعة السيارات اليابانية، التي تهيمن على السوق بمركبات ذات الكفاءة العالية والسعر المنخفض.
وبشكل عام، حاولت مجموعات السيارات أن تبيع في الهند منتجات مطورة لأسواق أخرى، إذ استثمرت أكثر في أسواق مثل الصين، وباعت عددا قليلا جدا من الموديلات في الهند دون أن تدخل عليها تحديثات كثيرة، حسبما قال عمار ماستر، محلل شركة “إل إم سي أوتوموتيف”.
ومنذ نحو عقد زمني، ركزت “فورد” لبضعة أعوام على الهند، التي أصبحت أولوية بعد أن كافحت الشركة لتمييز نفسها عن المنافسين في سوق صينية مزدحمة.
وكان ذلك أحد مكونات خطة الرئيس التنفيذي السابق مولالي لدعم “فورد” في تسجيل مبيعات تصل إلى 8 ملايين سيارة عالميا، وبالتالي استثمرت الشركة 500 مليون دولار لمضاعفة الطاقة الإنتاجية في مصنعها تشيناي لتصنيع سيارة “فورد فيجو” الصغيرة.
لكن المبيعات لم تتحقق، ما اضطر الشركة إلى التحول نحو تصنيع مركبات للتصدير في 2013.
وفي عام 2016، قال مارك فيلدز، خليفة مولالي، إن “فورد” تعيد تقييم عملياتها في الهند، وهو الأمر الذي استمر في عهد جيم هاكيت في 2017، وانتقل الآن إلى الرئيس الجديد جيم فارلي.
وخسرت عمليات “فورد” في الهند ما يصل إلى 23 مليون دولار في 2020، وهي خسارة أقل من 804 ملايين دولار في 2019.
وتعد استراتيجية “فورد” المتمثلة في التركيز في الغالب على منتج واحد ناجح وقوي في كل مرة في الهند، هي تكرار للنهج الذي تتبعه شركات تصنيع السيارات العالمية الأخرى.
وتخلت شركات تصنيع السيارات الأخرى عن الهند عندما فشلت في زيادة حصتها في السوق.
فعلى سبيل المثال استسلمت “جنرال موتورز” في عام 2017، ثم أعلنت شركة تصنيع الدراجات النارية “هارلي دافيدسون” العام الماضي، أنها ستغادر البلاد أيضا بعد أن كافحت للتنافس مع العلامات التجارية المحلية القديمة مثل “رويال إنفيلد”.