
الشركات الرائدة تخطط للتحول من إنتاج البترول نحو الغاز الطبيعى
قال باتريك بويان، الرئيس التنفيذى للشركة الفرنسية العملاقة «توتال»، خلال مؤتمر عقد فى سان بطرسبرج الشهر الماضى، إنه على مدى الـ20 عاماً المقبلة لن نُعرف بشركات البترول والغاز، ولكن سنُعرف بشركات الغاز والبترول.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن تصريحات «بويان»، وغيره من رواد هذه الصناعة روجت القول بأن الوقود الأحفورى أصبح من الماضى، وأن العالم على مشارف الدخول فى مستقبل خالٍ من الكربون.
وفى توقعات طويلة الأجل نشرت الشهر الماضى، توقعت وحدة «بلومبرج» لتمويل الطاقة المتجددة، أن حصة الغاز بالسوق فى توليد الطاقة العالمية سوف تنخفض من 23% العام الماضى إلى 16% بحلول عام 2040، وأن الطاقة التى تعمل بالغاز ستبدأ فى الانخفاض بعد عام 2031.
وأبرزت شركة «بى بى» البريطانية المخاطر التى تهدد الطلب على الغاز باعتبارها حالة من عدم اليقين الرئيسية، بما فى ذلك إمكانية أن تبلغ ذروة الاستهلاك بحلول عام 2035.
وأشارت الوكالة إلى أن صحة هذه التوقعات سيكون لها آثار كبيرة على شركة «توتال» وغيرها من شركات البترول الكبرى التى تتصارع بالفعل مع زيادة محتملة فى استخدام السيارات الكهربائية، كما ستتأثر، أيضاً، الدول المصدرة للغاز وخاصة روسيا وقطر وأستراليا.
وقال بن فان بوردن، المدير التنفيذى لشركة «رويال داتش شل»، الشهر الماضى، إن تحول الطاقة فى جوهره قوة لا يمكن وقفها، مضيفاً أن الأمر لا يتعلق فقط بالسياسة، ولكن أيضاً بالتكنولوجيا.
أوضح أن الطلب على البترول قد يبلغ ذروته خلال 2030 أو 2040، فى حين أن الغاز لن يصل إلى الذروة قبل أربعينيات القرن الحالى، إن لم يكن فى الخمسينيات.
يأتى ذلك فيما لا تزال شركة «شل» تراهن بشكل كبير على مستقبل الغاز بعد شرائها مجموعة «بى جى» بمبلغ 50 مليار دولار العام الماضى، ولكنها تخطط، أيضاً، لإنفاق مليار دولار سنوياً على تكنولوجيات الطاقة المتجددة.
وقال جييشا ويليامز، الرئيس التنفيذى لشركة «بى جى آند إى» أكبر منشأة مملوكة للمستثمرين فى الولايات المتحدة خلال مؤتمر عقد فى سان فرانسيسكو: «لا شك فى أن استخدام الغاز يتراجع مع مرور الوقت، ولكن لا أعتقد أن ذلك سيتم بين عشية وضحاها».
وتوقع سيب هينبيست، الخبير الاستشارى فى وحدة «بلومبرج» للطاقة المتجددة، أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية تتنافس بالفعل مع الفحم والغاز فى ألمانيا وفى غضون 5 سنوات ستكون أرخص تكلفة من محطات الفحم والغاز الجديدة فى الصين والولايات المتحدة والهند.
وبحلول أواخر عشرينيات القرن العشرين، سيبدأ تراجع تكلفة بناء طاقة الرياح والطاقة الشمسية الجديدة من تشغيل محطات الفحم والغاز القائمة.
كما أن الاتجاهات التى تقلل من التفاؤل حول توقعات الغاز العالمى تُخيف أوروبا. ولا يزال الطلب على الغاز الطبيعى أقل بكثير من ذروة عام 2010؛ حيث إن زيادة كفاءة استخدام الطاقة والاعتماد السريع على الطاقة المتجددة واستهلاك الفحم تقتطع من حصته فى السوق.
ولا تتوقع الوكالة الدولية للطاقة، أن يعود الطلب على الغاز الأوروبى إلى أعلى مستوياته التى شاهدناها عام 2010، ولكن سيكون الطلب الأوروبى على الغاز عند نفس المستوى فى 2040 كما هو الحال عام 2020.
ومع ذلك، فإن معظم التوقعات تشير إلى نمو قوى على الصعيد العالمى من أجل الطلب على الغاز الطبيعى لمدة عقدين أو أكثر.
وفى الولايات المتحدة، ساعدت الإمدادات الرخيصة والوفيرة بفضل الطفرة الصخرية فى أخذ الغاز مكانة الفحم كوقود أساسى لتوليد الطاقة للمرة الأولى خلال العام الماضى.
وترى الوكالة الدولية للطاقة، أن الطلب العالمى على الغاز الطبيعى سينمو بنسبة 50% تقريباً بحلول عام 2040.
يأتى ذلك فى الوقت الذى توقعت فيه شركة «إكسون موبيل» زيادة الطلب على الغاز بنسبة 44%، وتتوقع «بى بى» زيادة الطلب بنسبة 38% بحلول عام 2035.
أوضحت الوكالة، أن جزءاً كبيراً من النمو المتوقع فى الطلب على الغاز يقوم على أساس اعتماد الصين والهند سياسات تحبذ الغاز بدلاً من الفحم فى محاولة لتحسين نوعية الهواء.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية، الأسبوع الماضى، أن الصناعة ستدفع الطلب على الغاز بنسبة 1.6% سنوياً من خلال عام 2022؛ حيث إنها تحل محل البترول الخام كمواد خام لصناعة البتروكيماويات وخاصة فى الولايات المتحدة.
وقال جوهانس تيسن، الرئيس التنفيذى لشركة «إيون سى» لوكالة «بلومبرج»، إن الغاز سيلعب دوراً مهماً فى العقود المقبلة؛ حيث سيتراجع استخدام الفحم بشكل أسرع بكثير، ولكن دوره الخاص لن ينمو إلى الأبد.